اخر الاخبار:
معلومات عن الشيشة
أبدع في تزيين عالم القهوة بتفاصيل فنية مذهلة
يحتضنها عاشقها في صمت ، يضعها في فمه كطفل يلتقم ثدي أمه ، عيناه تنظران الى لا شيء في تأمل غريب وهدوء عجيب . يجتذب نفسا عميقا يحتفظ به قليلا ثم يخرجه قرنين من الدخان من فتحتي الأنف ، يعقبهما سحابة اخرى من الفم ، بجواره يجلس آخرون يفعلون نفس الشيء في صمت مقدس ، فيما ينتشر الجو الضبابي حول الجميع .. يتنادى عليها عشاقها بأسماء الفواكه .. تفاحة .. كنتالوب .. أناناس .. ومفردات لغتها الحجر .. النار .. الفحم .. المبسم .. المعسل ..
يعرفها بليونا من البشر في العالم ، ويرجع تاريخها لأربعمائة عام ، ولكنها تقابل بصمت غريب ، فمعظم الموسوعات تتجاهلها بالكامل ، بينما تناقشها وسائل الاعلام من حيث مشاكلها الاجتماعية التي تعتبر "خطيرة" ومؤثرة . لكن الذي لايمكن انكاره أن هذه الاداة تستعمل يوميا ولساعات طويلة بواسطة أكثير من مليون انسان من الرجال والنساء في آسيا وأفريقيا وأوربا أيضا ، على المقاهي وفي المنازل .. انها "الشيشة" .. ولكن .. هل للشيشة فوائد ؟ .. ذلك ما سنتطرق اليه في السطور التالية .
نشأت الشيشة في الشرق ، وانتشرت مع اكتشاف التبغ وانتشار المقاهي ، وصاحبت فنجال القهوة بانتظام ، كما دخنتها ربات الخدور في المنازل ، حتي لم يخل منها جهاز عروسة في الزمن البعيد وخصوصا في بلاد الشام . وهي ليست جهازا بسيطا ، فقد يبلغ طولها متران في الارتفاع ، وبها جهاز معقد لتبريد الدخان وتنقيته بواسطة الماء ، وتنتهي بخرطوم ملتو يشبه الحية يسحب منه المدخن الأنفاس ، وهو أيضا قد يبلغ عدة أمتار في الطول. ويتفنن صناعها في زركشتها وتزيينها برسومات مختلفة . ويزيد من تعقيد الحكاية نوع الدخان وطريقة حرقه وأخيرا الوقت الذي يقضيه المدخنون في سحب أنفاس دخانها في صمت وتأمل . وأية محاولة لتفهم خصائص الشيشة تقابل بحائط من الصمت ، والجهل ، والآراء التي تثير الغرابة في اختلافها .
والشيشة عادة مرتبطة بالمجتمع الذي تمارس فيه ، وهي ظاهرة اجتماعية تتركز في دول حوض البحر المتوسط ، ويمارسها المدخنون لساعات طويلة وهم من كل فئات المختمع . ومن الغريب أن تدخين الشيشة كان شيئا من الماضي ، وحتي وقت قريب كان ممارسته مرتبطا بفئات المجتمع الدنيا فقط ، من صناع وحرفيين وأولاد بلد من زبائن المقاهي البلدية . وكان يمارس أيضا في الغرز المنتشرة على الطرق السريعة ، والتي يركن اليها السائقون للراحة وتدخين الشيشة وقريبتها "الجوزة " مع شرب الشاي الأسود ، يجلسون اليها بكسل بعد ساعات العمل اليدوي المضني وينعمون بتدخينها بتراخ وعدم احساس بالوقت . لكن مما يستدعي العجب أن تبعث هذه الظاهرة من جديد في أواخرالقرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين بهذه القوة و هذا العنفوان ، ومع مختلف فئات المجتمع من مثقفين ومتعلمين وأميين ، وأيضا بتوقيت مختلف عما كان في الماضي ، اذ كان معظم مدخنوها يقضون معها وقت المغرب والليل ، بينما أصبحت الآن جزء من طقوس الافطار مع الشاي باللبن وشطيرة . بل ان بلادا مثل اليمن لم تكن تعرف المقاهي من قبل أصبحت تعج الآن بما يعرف بالاستراحة وهي مقابل المقهى
الذي نعرفه حيث يتم تدخين الشيشة بلا انقطاع ، وحيث يمارسها الجميع وخصوصا صغار الشباب